كريم سيفو

صفاء الصالح

 

سعدت جدا برسالة وصلتني من الصديق الفنان المبدع كريم سيفو، بعد ان تقطعت بِنَا السبل منذ نحو عقدين (الربع قرن بات عاديا بين الأصدقاء العراقيين) والذي أسعدني اكثر الصور التي ارسلها لبعض أعماله، وكنت متلهفا لمشاهدتها لأرى المآل الذي خلص اليه كريم بعد مطهر الالم العراقي وما مرت به البلاد من حروب وكوارث، ما زالت تلك اللوحات الأنيقة بنزوعها التصميمي المميز (وهو مصمم طباعي بارز عرفت قيمة عمله عن قرب عبر عملنا معا في عدد من المطبوعات الثقافية في دار الشؤون الثقافية) وتقنية تنفيذها البارعة، وأشكالها ورموزها التعبيرية (التماثيل والدمى، ورؤسها في الغالب، المحاصرة في حدود فضاء تصميمي بالغ الصرامة)، تلك اللوحات التي طرحت كريم رساما مميزا منذ ثمانينيات القرن الماضي وسط مشهد يمور بالفنانين البارزين والمجيدين في الفن العراقي، الامر الذي عززه في معرضه الشخصي الاول في قاعة الرواق عام ١٩٩٠... في القليل من جديده الذي شاهدته أراه قد خرج من المطهر العراقي برؤية اكثر تراجيدية، وأكثر جرأة في التعامل مع اللون. الذي على جماله وأناقته يحمل تحته شحنة غضب تكاد تنفجر، لولا تلك الدربة والنزوع التصميمي المهيمن لدى سيفو.
بين تأسيسه الجمالي ومنحاه التصميمي الصارم وغضبه الداخلي، يلجأ سيفو الى رؤية مواربة تلعب بين فرح الجمال وتراجيديا الواقع وصرامة التكوين (ولاعجب ان يسمي اللوحة التي ارفق صورتها هنا أنشودة فرح)، وما يبدو أوليا صخبا لونيا تكتشف بعد التأمل فيه انه محكوم بقواعد هارموني داخلية واضحة (على صعيد العلاقات اللونية) وقواعد تصميمية صارمة على صعيد بناء اللوحة.
في لوحاته الاخيرة يكشف سيفو عن نزوع تجريدي محسوب، وأسميه مواربا أيضا لانه لا يكف عن نثر ظلال واشكال مجردة من رموز لوحاته التعبيرية السابقة وإشاراته (او هكذا رأيتها) وما يبدو فورانا لونيا يظل محكوما بقواعد تصميمية صارمة تدفعه احيانا الى تقسيم سطح لوحته، بكل فورانها اللوني، الى كتل او مستطيلات وزعت بأناقة وهدوء وبدت في تضاد محسوب مع فورة اللون او قل غضبه ... هذا هو كريم سيفو الذي عرفته عن قرب، انيق حتى في غضبه ... شكرا لك صديقي لأنك أنعشت ذاكرتي اليوم من مغتربك الباريسي بفيض من النوستالجيا وملأت مسائي بكل هذا الجمال

صفاء الصالح

 

كريم سيفو: شكرا صديقي الرائع والمرهف الحس صفاء لكلماتك التي أضاءت الكثير من مساراتي الفنية وحيوات عشنا بعضا منها في وطن عز علينا فراقه. وشكرا لاطلالتك الصباحية الشاعرية وانت تتأمل اللوحة واقرأ مقالتك على ايقاعات السمفونية التاسعة لبتهوڤن. وشكرا لكل الأنبياء الجدد الذين أبدعوا لنا هذه العوالم الافتراضية ومواقع التواصل الاجتماعي بعيدا عن الأفكار والخرافات التي سطحت العقل البشري.

 

كاتب من العراق

الأعمال المرفقة للفنان كريم سيفو

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

started 1 MAY 2010                 email : info@ila-magazine.com

design: gitta pardoel logo: modhir ahmed   © ila-magazine