ILA MAGAZINE
الكلام عن الفن
عبد الله الهيطوط
ماذا يعني أن يسعى تشكيلي إلى الكلام، أو أن يكتب عن أو حول تجربته؟
طوال الوقت كان يبدو لي الأمر بعيدا، أن أُنظف يدي من لهب الصباغة، لألتفتَ عنها. إنه كلام محطَم ومكسور، كلام من المرتبة الثانية، أشبه بالتوسل... طقس كامل وفاتن، شغب جميل، هو ما سبَّبَه ويسبّبه لي الحديث المشاكس عن حكاية anecdoteأو حكايات اللوحة. النتيجة أنني وجدت نفسي مُعتقَلا داخل شرك الكلام، إنها ورطة أنيقة، بالمعنى الذي يدفعني إلى توسيع بعض المداخل هنا للحديث عن / إلى لوحتي .
في تقديري، وراء كل لوحة حكاية، هي حكاية الفنان نفسه. كل لوحة تستند على حياة ما، وراءها سجل بصري قد يكون دمعة صوت أو صورة ما لتعكس، في الأخير وبعمق، فلسفة أو رؤية. ما تراه في الصغر يظل يقودك حتى النهاية. بهذا المعنى، أنا سجين أيقونات الصغر. طفولتي ما زالت هي من يقودوني كل هذه السنين، ما وراء سجلها البصري أتموقع، يستهويني ما ظل عالقا منها في رأسي، وما تبتكره لي من مثالب لا أستطيع إخفاءها إلا داخل إطار اللوحة. تماما كما تشدني الأشياء المعلقة على الجدار، وتأسرني الصباغة التي هي إطفاء لحطام الكلام.
من هنا يبدأ سعى الفنان نحو الجمال والكمال ضدا عن البلاهة والقبح. الصباغة تبدأ من ذاتها، من تلقاء نفسها بل من ذكائها. وسواء تعلق الأمر بالفرح أو الكآبة، لا يهم، الرسام كالشاعر يستغلهما معا، إنهما تنقدانه منهما. من هنا حاجتي إلى ذخيرة من القلق الوجودي المستمر، الذي يطعم قريحتي، كما أحب أن أبقى على سجيتي. مرة قال تشارلز بوكوفسكي، " ما المعرفة ؟ أن تعرف أقل ".
الكائن الصباغي:
أعتبر الرسم طريقة للمشاهدة والتأمل وليس وسيلة للتعبير وتمثيل الواقع فقط... فالرسم يبدأ حيث تنتهي الفلسفة، حيث تبدأ الحياة... لذلك، لا أحب الحديث عن الصباغة بصفة العارفين الكبار، أعتبر نفسي لا شيء، مجرد كائن معرض للإثارة والشفقة. بهذا المعنى، ما فتئت أراقب أُمنا الطبيعة، أتعلم وأنصت بشغف وخوف معا، كما لا أحب الحديث عن الأمور الشخصية، لأني أعتبر الصباغة مسألة شخصية وحميمية... الأمر هنا يتعلق بالأفكار والأحاسيس... أحب أن تكون الصباغة طرية، حية تتنفس وتتسع لكل شيء، وكما تأتي العظمة من الخسارة يخرج الجمال من القسوة. لا أحب الانتباه، أريد أن يغمى علي... تماما مثل العرفانيين والصوفيين في سعيهم نحو استبطان الوجود...!!!
من هنا، لا أرسم بناء على تقنية بل على تصور. أهوى تقشير الطبقات للوصول إلى القاع؛ ففي القاع يكمن الأهم، جوهر الجمال. في كل محاولة علي أن أقوم بالتشريح، أن أعري وأكشف عن طبقة سفلى تحت – أرضية. الإحساس والشاعرية هما المعول عليهما في كل صباغة. في كل مرة أشعر أنني ناقص وأنا ذاهب إلى الصباغة، الصباغة توق مثمر نحو الكمال والتوازن. الاشتغال على القماش مثل عمل الممثل في السينما، تكون لديه فرص غير متناهية للإعادة والتصويب حتى ينجح المشهد.
" طريق الورق ":
هي ذي إحدى مغامراتي الصغيرة في عالم الصباغة، التي تعتمد – بالأساس - على مادة الورق والكرتون كسند ومادة خام، باعتباره فكرة لها حياه سابقة. فحياكة سطحه ولونه المثالي للرسم والصباغة كلها تغريني كثيرا. لا أخفي كذلك أني أميل كثيرا إلى الاشتغال على هذا السند، رغم رهافته وضعف مقاومته. أفعل ذلك حتى أحصل وأصل إلى التعبير والإحساس المطلوب وأعكس النظرة والشعور المرهف، والقابل للكسر في أي لحظة... فالاشتغال على الورق يستدعي استحضار مهارات متعددة من الفنان، التي ليست مهارات الرسم وحده، هناك كذلك مهارات أخرى مهنية صِرفه ...
يُعجبني الاشتغال على الورق المكتوب مُسبقا، على دعامات وأسندة بها رسوم أو سبق أن اشتغل عليها من قبل كليا أو جزئيا، أعتبر هذه الخلفية كأنها امتحان أمام مُكون واقعي غير محايد يمنحني الإحساس بأنه ضدي، علي تطويعه وتَجنيحَه لصالحي وإبراز الجوهري فيه. بالإضافة إلى التعبير اللوني واللمسة الإشارية، أحب كذلك التحدي الذي يطرحه الكولاج، والإمكانات التي يفتحها أمامي. أظن أن العمل يصبح برمته موحيا بالخطورة والمغامرة، فلا يمكنني أن أتصور التشكيل بدون مغامرة وتجريب لكل الإمكانات والحيل المطلوبة. الرسام محتال كبير ومشاغب لطيف يعلن حربه النبيلة على المفاهيم المؤسِسة للعالم والأشياء.
الاشتغال على الورق تكمن خطورته، بالإضافة إلى رهافته وسرعة تلاشيه، في أنه يمنحك الإحساس بأنك أمام لحظة خطيرة وحاسمة وقوية لن تعاد مرة أخرى، وهذا ما يجعلها تتطلب تركيزا وفهما كبيرين لحركات وآليات اشتغال تجعلك تضيف وتجدد ينابيع أدواتك باستمرار. فالأمر، إلى حد ما، يشبه الأداء على خشبة المسرح، هناك الكثير من التركيز والدقة، بحيث يصبح العمل برمته محفوفا بالمخاطر. أشبه الرسم على الورق بحركات فنون الحرب، فهي تحتاج إلى إخراج القوة الفاعلة من البطن، من الأحشاء، من هنا يصبح العمل انعكاسا لروحانية متناهية وقمة في الضبط والانضباط.
من خلال الورق أريد أن أروي حكاية، قصتي، قصة طفولتي، أريد إسقاط نظرة وقلب الأشياء للوصول لنتائج جديدة ومختلفة، وفي ذلك، لا أريد أن يكون سبقها تفكير واستعداد، قد تكون النتيجة فيها غير قليل من التصنع، وهي نتيجة لا لزوم لها. ينبغي أن تحكي كل لوحة قصة الفنان قبل كل شيء .
أتقصد البدائية للوصول الى " الجمال الخالص ":
الإقلال والتقشف اللوني والبساطة أو التبسيط... كلهما مفاهيم جرى استيرادها من حقول ومجالات أخرى، تلك كانت مسارات المتصوفة والعرفانيين للوصول إلى التجلي أو الحلول... كل هذه المفاهيم تصبح عناصر وأدوات تشكيلية قائمة في اللوحة، فقط يحتاج الفنان، باعتباره عارفا بالتقنيات والوسائل والخامات، إلى عمليات إجرائية؛ كتقنية المسح والكشط حينا، أو التبييض و الإبراز للإخفاء والإظهار حينا آخر...
من جانبي أحب أن أبدأ كليانيا وأنتهي بتفاصيل التفاصيل، أسعى إلى الانتقال من البساطة - التي تعني قوة الشيء وليس التسطيح - لأصل إلى التعقيد، الذي ينأى بنفسه عن التصنع. لذلك، لابد من تعلم القواعدles dogmes ) ( من أجل كسرها وخرقها فيما بعد. هذه، في تقديري، هي روح المخاطرة ...
أما التقنية، فهي بالنسبة لي، آلية وليست هدفا. لذا، لا أشغل بالي بها كثيرا. طبعا من الضروري أن تكون لكل فنان معرفة كبيرة وعميقة بالتقنيات والوسائل والمواد، إلا أني أحاول، في مقابل ذلك، أن أكون معاصرا في الشكل والمضمون، بالمعنى الذي يحقق حوارا بين التقنية والفكرة والتصور على حد سواء.
الإحساس مفتاح لوحة الكائن الخيميائي...
أرسم بقلبك قبل أن تستشير دماغك؛ أرسم ثم فكر. لا ترسم إلا عندما تشعر بألوانك كمغص أو غثيان يقطع أمعاءك، عندئذ أسرع إلى وضعها نظرة طازجة. تكلم أقل وأرسم أكثر... لذلك، أضع في لوحتي أشياء لم أقصدها بعينها، وإنما وضعتها من أجل الإيقاع أو لغاية بصرية صرفة.
على مستوى آخر، هناك جانب علمي وتقني في عملي، إذا ما دقق العارف النظر. لذلك، أتصور الفنان مثل الخيميائي لا تدري ماذا سيخرج من مختبره وتجاربه. وفي حالتي، أحاول أن أرسم الهامش وأبني عليه بوصفه مدمرا سبق استعماله. ففي الهامش هناك قلة وندرة وقدر غير يسير من القسوة. أزعم أنني حاولت أن أبدأ من حيث انتهى الذين أحب. وبالتالي، لا أعرف هل نجحت في ذلك أم لا؟ الرسام يحتاج إلى ذخيرة من براءة وعفوية الأطفال، وإلى مزيد من الصفاء الذهني مثل الذي راكمه المتصوفة. دائما أحلم بمرسم في الجبال، هناك حيث الفراغ والسكينة والصفاء والنظر البعيد، أحتاج إلى هذه الخلوة المجيدة كي أرسم بالنهار وأقرأ في الليل على ضوء الشموع وإيقاع الرياح...
الهشاشة " الهش سريع العطب":
الإلصاق لأشياء " منتهية الصلاحية " أو الاشتغال على حوامل فقيرة، هذا الاختيار لوسائط كانت منذورة للزوال أحب أن أعكس بها نظرتي إلى الواقع الهش حيث أعيش وأحيا. هذا التفكير في كل ما هو هش وفقير وسريع الكسر والزوال... هو كل ما يأسرني بصفة عامة، ويقود خطاي في صحراء الفن. أحب العودة، دائما، إلى بدايات الأشياء، "عندما لا تعرف وجهتك، توقف وعد من حيث أتيت " مثل مازاي- كينيا.
حان الوقت لإحياء الجانب الانساني فينا عبر الغوص في أعماقنا... لا غاية ولا مصلحة وجودية بدون حب. كيف يمكننا الاحتفاظ بالرغبة، بالرؤية الصافية للأشياء، كما لو كنا نراها لأول مرة، ثم العمل على نسيان كل ذلك والبدء من جديد...؟
فلكي تكون معاصرا، عليك أن تعبر عن نفس الأمنيات التي يتوق المتلقي إلى رؤيتها " لأنهم سوف يشاهدون أعمالك ليجدوا فيها أشياء لحبها، لأنهم بها يشعرون بأنهم محبوبين ... رغم أنهم يعلقون هذا الحب على ملامح متفردة " أليس كذلك يا دانييل سيموني؟
لندع كل الحواس تتفتح وتنبعث. لا أريد أن أستعجل الصباغة أو الذهاب مباشرة إلى اللوحة. أعتقد أن اللوحة تحتاج إلى أن تطبخ طويلا داخلك على مهل وعلى نار مهيلة حتى تستوي، تماما مثل فاكهة أخذت كل وقتها الكافي قبل أن تنضج...
أرسم بعقلي طويلا. وفي أثناء ذلك، أحبس نفسي وأرسم برأسي فقط، " عليك أن تنتظر حتى تطيب اللوحة في داخلك، في دماغك ...". لم أبحث عن لوحاتي أبدا... لوحاتي هي التي تبحث عني.
تعطيل التفكير
أعتقد في قضية الصباغة والرسم، بصفة عامة، تحتاج إلى تعطيل مرحلي للفكر، وإلى ترك حرية أكثر لفوضى الأحاسيس. أفضل كلمة " تصور " على كلمة " تفسير ". فمن جانبي ليس هناك تفسير لما أقوم به، بل هناك تصور محض. في البداية يكون هذا التصور ضبابيا وفوضويا، ومع توالي مراحل الاشتغال تتوضح الرؤيا ويتبدى الطريق. إن تصوري يكون عاما وشاسعا وهولاميا، ومع تطور العمل تتوضح التفاصيل، عندئذ أقوم بإهمال أشياء وأحتفظ بأخرى، فأبدأ في السيطرة على العمل شيئا فشيئا.... أذهب إلى الأهم مباشرة، وأترك الكلام أو الشرح والتوضيح جانبا، دون السقوط في الحشو والإطناب والثرثرة.
في تمثل فعل الإلصاق ( الكولاج ):
عادة ما يأخذني الكولاج إلى مناطق متقدمة في العمل، لا أقول يساعدني بل أعتبره ضدي، لأنه غير محايد بما يحمله معه من مطبات ومشكلات بصرية علي التعامل معها ومن تم حلها. الفرق هو أنني لا أستعين بالكولاج في إنهاء العمل بل استعمله استعمالا حذرا في تحضير الأساس أو الخلفية. أضعه في البداية لإتلافه في النهاية، أي لأنتهي حيثما بدأت.
هناك من يستعين بالكولاج لإنهاء عمله، أما أنا فلكي أخلق به اللوحة، بالشكل الذي يبدو في الخلف كجزء من الحل وليس جزءا من المشكلة. أضعه كحافز للتخيل والوهم أو التوهيم. المفارقة أنني أضعه لتتخلص منه لاحقا. عالم اللوحة يولد أثناء عميلة التخلص هاته. تنتهي حياة الكولاج وتسلم الروح للوحة جديدة. هنا تتجلى حيلة الرسام. في كل الأوقات أرسم بقلبي مرات عديدة قبل أن أعيد ما أنجزته، في الأخير، إلى رأسي. وجدت في الكولاج حيل الرسم كلها، إنه يحاكي الرسم رغم أنه لا يعد رسما، أعتبر تدخلي هو الرسم.
التقنية ماذا نعمل بها؟ ماهية التقنية؟:
في الصباغة لا ينبغي أن تكون التقنية هي الأساس ...التقنية كمعرفة يمكن أن توفر مجهود 50٪ من اللوحة، لكنها لا يمكن أن تجعل منك فنانا حقيقيا. من هنا يجب أن يكون للفنان خلفية فكرية وأدبية وفلسفية أو صوفية لدعم وإثراء مفرداته ولغته البصرية التصويرية ...
هذا الأمر يجرنا إلى طرح السؤال الإشكالي التالي: هل الصباغة عبارة عن لقية؟ أي أنك تعثر عليها وأنت تصبغ؟ في نظري يجب أن تنقل الصباغة من العالم الصدفي، الذي يرتهن إلى منطق " الحادث العرضي و " عفو الخاطر " إلى عالم المعرفة المسبقة، أي أن تبني طبقة طبقة عبر تراكم مراحل الإنجاز، تماما كما يشيد البناء العظيم، ومن تم الانتقال الى صباغة تفكيكية تقوم على تهديم بعض عناصر اللوحة دون المساس بعناصرها الخامة. الرسام شخص محتال، يحتال بشكل مستمر، لدرجة أنه يحتال على الأشياء التي يراها و يشعر بها حقًّا. الرسم هو مجموع خبراتنا ومعارفنا في التحايل.
ما الذي أبقي و ما الذي أدمر؟
إن رحلة البحث عن اللوحة في داخلك تبدو شاقة ومتعبة. قد يبدو، أحيانا، أنها هي التي تبحث عنك. أقف مرتبكا لوقت طويل أمامها في حيرة ماذا أختار، إلى حد أنني لم أعد أعرف ماذا أترك، وماذا أهمل. أمكث لوقت طويل أمام لوحتي عاجزا وصاغرا بل وصغيرا أحيانا، وكلي في حيرة كبرى من أمري، لا أعرف ماذا أترك، ولا ماذا أدمر، لدرجة أنني أصرخ وحدي: أنا لا أعرف أي شيء، ماعدا ذلك يا صديقي، فإن الرسم قطعة من العذاب.
في معرضي الصباغي الأخير " بناء على انقاض " أو " إعادة ترتيب الفوضى "، تمحور حول فكرة كبرت على امتداد وقت طويل وبشكل حثيث وهادئ، إنها تروم البحث الشخصي، وبشكل نظري، في الجوانب البصرية المتصلة بالمعيش واليومي، وبما هي ألوان مغربية خالصة. هي محاولة طموحة ومتواضعة لرسم خط تصويري يهتم باقتناص تفاصيل الحياة اليومية في كل من الوقائع والأنماط والأشياء التي تزين وتؤثث الفضاء الداخلي المغربي، وتهم الذاكرة الفردية والجماعية للجدران المغربية التي نحيا داخلها.
أما الإلهام، فهو موجود في كل مكان، وما على الفنان إلا أن يبدأ مما هو محلي في محاولة أصيلة ومثمرة لتجاوزه. كان نجيب محفوظ يقول: " يجب علي أبدأ من حيث أنا؟ ". المشاهد الحضرية للمدن هي مادة غنية للاستثمار والعمل. والفنان المعاصر يجب أن يعالج القضايا البصرية المعاصرة التي تعترض نظره. الخبرة والتقنية يجب أن تقود الفنان إلى تطوير عمله. الدفء اللطيف أو برد البرية المرير، هذه العناصر هي استرجاع من طفولتي في العراء، حيث تعلمت أن أجعلها مألوفة مع البيئة وحاولت ترويض وحشية هذا Space.in.
في أعمال أخرى قمت بإنجازها في وقت لاحق، اخترت الاشتغال على دعامات وأسندة سبق استعمالها، أو مرسومة من قبل كليا أو جزئيا، مثل الكتالوغات أو الأجندات أو المذكرات ودفاتر تمارين الأطفال، حيث أقوم بإلصاق ورق أو كارتون خفيف أو ورق مقوى فوق جانب منها في محاولة لتجاوز ما تم بالفعل إنشاؤه أو الذهاب أبعد مما سبق تخطيطه.
أشتغل - حاليا - في تقص روحي وتحت إكراه التحدي الخطر و" المفروض علي "، على الورق الحساس وبتقنية الكولاج، والهدف الرئيس من هذا التدخل هو فتح تمارين الممارسة الجمالية على نطاق واسع، لرؤية الاحتمالات والامكانات المرتبطة بمختلف الأشياء والعناصر، التي تفتح أمامي مسارات وطرق جديدة، وكذا تنويع وبناء المفردات واللغة التصويرية والبصرية بطرق مختلفة، بما يفيد في إغناء فضاء اللوحة والاستخدامات الموحدة لتحقيق نتائج شاعرية، أي محاولة، أقول مجرد محاولة يائسة لكنها نشطة ومؤمنة، تطمح إلى الاقتراب مما أعتبره جمالا خالصا.
إلى جانب هذا الامتحان المغامر، أضيف مفردة الرسم والتخطيط الكرافيكي، بما يعنيانه من تمعن هادئ في الطبيعة. أحاول أن تعلم، وأن أكون بسيطا وعفويا. أحب تلك الحركة وتلك الإشارات الملغزة والملغمة على أسطح الأبواب والجدران، أحب أن أعكسها أو أمررها إلى جوع لوحتي. لا أعرف هل نجحت في ذلك أم لا؟ في تقديري، الأمر لا يهم كثيرا، أنها مغامرة وتحد يستهوياني كثيرا.
إن الفرص التي فتحها أمامي العمل المنجز على الورق مثل عمليات التكميش والتمزيق والتجعيد أو الإلصاق لقطع الورق أو القماش البالية فوق السند الأول – الأصل، يضيف إلى العمل الفني حميمية خاصة تعكس بصمتك الفنان الشخصية، وهذه إشراقة فنية لا أحد يمكنه، حتى أنت، تكرارها. أضف إلى ذلك عملية الاستثمار في خلق تماه وحوارات خاصة بين مواد وصباغات مختلفة بما
يساعد على تسليط الضوء على موضوع الإخفاء والشفافية، بما هي متوالية تقنية تتطلب كثيرا من الدهاء والاحتيال الإيجابيين.
فنان تشكيلي من المغرب
الأعمال المرفقة للفنان عبدالله الهيطوط