في حالة كهذه

 

من مجموعة " جملة لاتناسب القياس  "

 

 

كفاف

 

 

( 1 )

 

 

لا أريد أن أمشي

أريد أن أكف.

ليس كمتفرج وإنما كعابر أيضا

أريد أن أختفي وأستمر بالشعور

والنظر

والحياة.

 

 

 

( 2 )

 

 

لم تصل ابتساماتي ولا وجيبي

ولم أعدل من هيئتي

كيلا ينكشف الأمر.

 

 

ليس خجلا

لكنها الرغبة في عدم بقاء الآثار

لست هنا أصلا

وليس ثمة هناك.

 

 

( 3 )

 

 

لم يتحرش بك أحد

كنت الدولاب المقفل

والآنية الزائدة عن الحاجة

 

 

ماذا تكتشف الآن ؟

 

لا أحد بيده المفتاح،

أنت أضعت السلسلة الأولى.

هشمت الآنية بلا كلل

 

لم تحتط

أسقيت زنوجك دمك الحامض وتسامرت وإياهم.

 

 

 

( 4 )

 

فيم تدق الإزميل؟

هذا الملمس معتدل

والوجه يناسبك

 

ما أنجزت سوى التمثال الناقص

حين كشطت القشرة

وعملت بمبردك لأيام

 

 

فيم تدق الإزميل

وماذا تتوقع؟

 

 

 

 

أمتعة

 

سترافقني بالطبع

أل (70) كلغ ذات أل (30) سنة

لا بد وأن أعنى بكل هذه الأغراض.

أرتبها أحيانا لكنني لا أستخدم إلا القليل منها

ماذا تفعل....؟

حقيبتك ستحتاج إلى يد تحملها

وقميصك لابد وأن يملأه صدر

 تملؤه هو الآخر خرق قديمة

أما بقية الأمتعة فهي (الآخرون)

 

ألم تلحظ ذلك؟

 

 

 

 

أفكار قديمة

 

منذ طفولتك تفكر في الأحجار،

بمصادفة تنجب أحجارك أحجارا؛

أحجار ترعى الأحجار وتسقيها أحجارا.

أحجار متخلقة بسجايا نبلاء الأحجار:

تزهد في الأحجار فتصبح رملا.

أحجار تنظر،

تبتسم

ولكي تخدع أحجارا أخرى لا تتكلم.

الأحجار الأخرى تتبع نفس الخطة.

نمت مع الأحجار

وبنيت لها أعشاشا.

 

 

 

صحبة

 

 

من هو مجنون كالمطر

من لا يتذكر كالمصباح

من هو فسيح كالباب.

قرابة الأشجار هؤلاء

لا أسأم منهم

لا ينظرون ولا يتحدثون.

 

 

 

 

استسلام أعمى ليديها

 

 

كم تكره هذه المرأة

لكنك ستواعدها،

اترك رأسك يستند برضا

اترك خفقانك يعلو....

الآلات الأخرى ستعمل بطريقتها...

راقب مغتبطا.

 

 

 

انطفاء شاشة إلكترونية

 

ما يشبه أن تنام وتتأخر عن العمل لفترة

طويلة.

استغراقك في فكرة.

ما يشبه انطفاء شاشة إلكترونية لم تعبث بها الرياح.

ما يشبه (م) بعد أن تمحو أسماءها الألف

التي كتبت.

ما يشبه أن يختفي صديقك في الزحام وأنت في بلد غريب.

البلد الغريب الذي تمرر عليه يدك فلا تلمس منه شيئا

حيث صديقك الوحيد لم يعد وجوده ضروريا.

 

 

 

تقليم

 

 

•سيحدثك ثلاثة أيام عن بكائه أمام(super movies)

•فيسوافا شمبوريسكا: الشيخوخة مجرد منقبة أخلاقية مقارنة بحياة القاتل.

•تخطط لكتابة قصيدة جديدة عن تقليم أظافرك:

الإنصات إلى طقات القلامة،

تفحص تاريخ أصابعك، اللمسات الدؤوبة لصوت المبرد

ونثار أضأل من أن يسترعيك

يقيم له تاريخا آخر.

 

 

 

في حالة كهذه

 

لا أرفع رأسي...

أعبث بمساميري وأؤلف كثبانا أوسع،

لا ينكتني عودك وأصابعك ستنثرني.

بين الفينة والفينة

سأحدث نفسي:

كنت الموسيقى التي كتبت لي،

لكن خطاك الهادئة هنا فوقي لا أتوقعها

ليس لها فجاءة اللذعة،

لا تكفي موتى ينصت واحدهم لطيور تنشب مخالبها

في أجساد الجيران..

 

 

كنت تأخذينني بمجرفتك،

تنكتينني بعودك

وتسوينني

تسوين ترابي بتمهل

تتمهلين

ففي صفك يقف: الزمن، النبض، الماء

الماء المستيقظ دوما

كنت الحجر الغائر في مجراه

وخريرا ضالا لا يتبعه.

 

 

قلت سأؤلف كتابا لك

لكنني وجدت حيلتي زائفة

ففيها استدراج للكلمات.

..ظللت صامتا

فعلى الأقل، في حالة كهذه

ليس هناك كتاب

هناك صمت يمكن أن تستمرين طويلا في ترقبه

سأصمت.

ولنر من يتحدث أولا.

 

هل في اللعبة إثارة كافية؟

..أنا لا أتكلم

أعبث بمساميري

وأؤلف كثبانا أوسع.

 

 

 

بعد هذا

 

بعدما أكلت من شجرتي وشربت مياهي

بعد أن تذهب في الرائحة المرة

بعد حرارة يدك،

بعد استيقاظ امرأة نائمة فيك

وكانت تلعق عصافير صباحك قبل تفتحها،

الآهة بعد استرخائك،

الدمعة في خيط يلتحم بعينيها...

العرفان

..أهذا ما يبحث ليلك عنه؟

بعد هذا

بعد ثيابي اليابسة...

بعدما أكلت من شجرتي وشربت مياهي.

 

 

 

 

 

 

لاكتمال الجملة

 

دراساتك الطويلة عن الكتاب المقلوب

الذي يشبه امرأة مقلوبة

ستثير الضحك.

أما قراءتك الكاذبة لكف حبيبتك

فقد أبهجت قلبا وحيدا..

اقرأ كفها الأخرى إن استطعت

وقل لها بوضوح أن هذه الخطوط المتعرجة

ليس لها انحناء كاف لتكتمل الجملة

وأنك كذبت عليها

هل تستطيع ذلك الآن..؟

وقد انتهى كل شيء.

 

 

 

في حالة كهذه (2)

 

أتوقف أمامك بحذر، بلهفة.

أنت لا تعرفين عني شيئا، ولست أعرف شيئا عنك..

لنتوقف هنا قبل أن تحط أصابعي عليك،

قبل أن أستند بيدي

وأمشي.

لا تنصتين ولا أسمعك،

تحدقين في بجسدك كله

ولا تنفتح مني سوى نافذتين ضيقتين.

أقول لك: سئمت.

أكتب السأم طويلا وفي رأسه شمس.

لا تبتسمين ولا تأسرك دعاباتي.

سأحضر مشرطا رهيفا وأقسمك إلى نصفين.

سألمس عوراتك الداخلية كلها،

وسأضع لفافة قماش محل قلبك..

أنظر في جوفك

وأنت تستمرين في النظر إلي

بريئة وناحلة لا تدرين عني.

ألحمك مرة أخرى بالصمغ وأستعيدك ورقة كاملة

أمحو منها ما كتبت قبل أن أستلقي على السرير.

 

 

 

قراءة كتاب جديد

 

ملل أن تمشي في كتاب

أن تبدأ بكتابة تاريخ اليوم

ثم الموضوع الفاسد: أيامك

وبنفس الآلات

بحروف لم تتآكل من كثرة الاستخدام.

لتمش مرة فوق السطر

ولا تنحرف.

امش فقط واتبعني

قالت لك كلمات ميتة فتبعت أصابعها.

...لكن ملل هذا كله.

لم لا نصنع كتبا تنقصها صور

وعناوين

وفهارس

ومؤلفون.

 

 

 

أطياف

 

يا أختاه:

الجسد الذي تلتقطين السوس منه

بيد مدربة حقا

لن يعتدل.

إنها أطيافك فحسب هذه التي ترين زاهية حولي.

أطيافك التي تنادين باسمي،

تأخذينها في ذراعيك

تهاتفينها،

وتتقبلين بفرح لا يتوقع هداياها

أما الجسد الذي تلتقطين منه السوس

بيد مدربة حقا

فإنه لن يعتدل.

 

 

بقاء الرأس في مكانه

 

أنت أيتها الأيام الثخينة

التي تبقبق بين الفينة والفينة في رأسي

أين أمشي عليك وأين تترصدينني؟

في المختبئ من الأطفال والحكماء والمجانين

أم في صالة البيت وقناع الأب الذي يناسبني؟

في الشارع الذي لا أنظر فيه؟

أم في صفوف الدرس بعدما أضع قدمي اليمنى في الفخ

وأبدأ بتفحص الدفاتر.

 

من أنت؟

وأين نارك؟

الجذوة الخفيفة التي تعمل بلا كلل على إبقائك

ثخينة ومتماسكة...

من يواصل جلب العيدان الدقيقة لها

من ينفخ بإتقان ينابيع شهوتك

فترتفعين بحساب دقيق

يضمن استمرار الصداع

وبقاء الرأس في مكانه.

 

أنت...

أهذا ما تريدين؟

 

 

 

خديعة ناقصة

 

(1)

 

ماذا يبصر؟

 لم يبعث بسخاء وبصمت؟

ماذا ينتظر؟

ألا يسأم؟

 

(2)

 

هنالك يشرب كالأشجار طمأنينته،

ويظل يكاتبنا بهديل لا ينقطع

أليست له سنوات يدخر لها؟

هل يسخر منا ؟

هل يتحدث بهدوء وعلى راحته

كما نفعل حين نكون وحيدين

وراء الباب المغلق

..يتحدث بخفوت وبسحر لا يتكرر

هنالك،

قرب السقف..

أليس غريبا هذا؟

 

 (3)

 

ليس له مسكن أو آباء

خفيف لا يعرف كم يبدو الصخر وحيدا،

طيلة رحلته يتخلى.

 

لا يعبث أو يمتثل..

يسير

ويوجد.

 

 (4)

 

قبل أن تضع يدك على القلب الضاج بالنار

وكي تكتمل خديعته

قل شيئا عن رائحة الضوء لنا

أيها الفراش الحكيم.

 

 

(5)

 

هل كانت تلك خديعته الناقصة:

الضوء ...؟

 

 

كائنات البلاط

 

مثل فلاح يتفقد أرضا

أتفقد دفتري السري الذي أسجل فيه حسابات واسعة

عن أيام تتوالى

كمربع يتبع آخر.

 

..هذا اللامع أخذ كثيرا من أيام (سليم).

(سليم) الذي جاء من الهند ليدعك سنوات أربع في سطل ضيق

بالصابون

وبكلمات لا نفهمها..

 

هذا المائل للأخضر كان يخون.

يترك فسحا تعرف الحشرات والديدان والغبار

طريقها الذي لا يتغير

وأعرفه كذلك.

 

 

 

تدريبات للدخول في غرفة

 

...لا مناص عن هذا:

أغلقت الباب خلفي

لا أعرف أين سأمضي.

..لم أولد في  صحراء

لكن لا بد من الاستمرار في التدريبات

على وجود حوائط قاسية، ستائر وشبابيك

تنازعني الهواء والمكان.

 

 

هو

 

إنه لا يتحرك لأنه يحلم كثيرا.

وليظل كل شيء على حاله

يشرد ويتحدث مع أطياف وتصميمات أفكار وطيور جديدة.

 

التمثال الحاسر عن ذراعيه،

الأسود اليتيم،

قاع المعنى.

 

 

 

أطفال

 

الأطفال الذين يدفعون العربات البلاستيكية في الطرقات،

يحفرون التراب لملاحقة هواجسهم

ويكتبون ليغتاظ الآخرون.

يملؤون أرواحهم بالفراشات الملونة

الفراشات التي ابتاعها آباءهم

الفراشات الميتة.

 

وردة

 

يا حنق الأشجار،

وكراهية الأخضر.

يا شمسا نابتة في الغصن

أقول لك الآية..

... الآية: لا تشتعلي.

لا تشتعلي حين يقترب إليك

 الأنف

يقول كراهيتك ويسقيك الأنفاس الفاسدة

لتمتلئين بآنية مرر عليها الصدأ لسانه

وبصق.

 

أقول لهم: لا ينصت هذا المتلون بالنار، القيح، الزيت الكامن والماء المسنون.

ألم بدايته في دربك

وأقول ابتعدي.

 

 

ليلة واحدة

 

ليلة واحدة هي حياتنا.

حياتنا لليلة واحدة،

من ثم فالمصابيح أهم الأصدقاء.

الظلام هو الخلفية التي لا تتبدل طيلة المشاهد.

في آخر الليل وحين نكون كهولا مجربين

تضاء الأنوار

ونختفي.

 

 

إذا عرفنا ذلك

 

...أي أنه ليست هناك يد ثالثة

تملك هذا الحنو الذي تمسد به شعرك

وأنت تسرب كلماتك الصادقة لروحك.

إن عرفنا ذلك

فهل في الأمر مدعاة للرثاء؟

 

 

 

دون كيشوت

 

كل ليلة كان صوت ما يقول ل (دون كيشوت):

إن لم تستيقظ هذا الصباح وتهمز (روثينانته) في الطرقات..

وكل مرة كان (دون كيشوت) يصحو قبل أن تكتمل الجملة.

 

 

احتمالات

 

إما أن آلتك الحاسبة لا تعمل

أو أنك دونت الأرقام الخاطئة

أو أنها تراوغك

 أو أنك خاسر تماما.

 

هذه القصيدة مغلقة.

 

ملصق مكشوط من على جدار

ليس له داع لكنه مازال  يجتذب العيون

التي دون أي تعبير

تنظر فيه.

 

 

 

مغيب

 

عين تغمض

ليس بألم أو بنشوة ...

باستسلام للعتمة والماء.

 

رغم هذا المشهد البارد

تنفرج ابتسامة ما

لتكون شفقا حنونا.

إنها إشارة سرية لمساكين يتلذذون بالغروب،

سخرية دافئة

أشبه بدماثة الموت التي لا تلبث أن تختفي.

 

 

نواقص

 

 

سرداب ليزين هذا الوقت

وفانوس كي يخشع.

 

آنية لهواجسنا الزائدة.

 

بريد للموتى.

 

ذكرى تهتز إذا ما هبت رائحة حياة.

 

أيام نملؤها بمرايا لا تنسى.

 

 

 

 

 

ابتهال

 

تجلدي أيتها الآلات التي تتآكل وتصدأ وتكل.

إنني أتعهدك، أنفخ عليك.

أصك عليك أسناني وأهدهدك.

لا تنقطعي بي في منتصف الطريق.

 

أمامنا مدن وفواكه وتسكع،

طائرات وموظفون وقوانين غامضة.

شحاذون وإخوة يكبرون.

أمامنا ليال شاحبة نسهرها معا

عزلة وبقية شاي.

 

تجلدي.

 

 

 

أثناء ركض البطل

 

 معتم وبلا مستقبل.

أجلس أمام التلفزيون أقلب كفي

وشاشات العالم.

أمضي لمشاغلي القريبة جدا

دون أن أنجزها.

 

الحكم الرابع في مباريات كرة القدم،

ملتقط كرات التنس،

أحد المشاة الذين يشتكون من الصداع ويظهرون في نهاية الفيلم

أثناء ركض البطل.

 

 

 

 

ملحق:توابع وأشباه

 

 

 

عرض غير خاص

الكيلوت البنفسجي كان مثبتا بتباه على خلفية  بيضاء،

فيما الضوء يثير وقار الزجاج بسرية..

ومنضدة صغيرة تحمل في سوق (مكة) الدولي بقية العرض بخشوع

وتناوش أربع عيون تسمرت لخمس عشرة دقيقة في رأسين

يتابعان الحديث عن قطعة فنية احترقت عليهما..

 

ومع أن الذهاب والمجيء إلى نقطة واحدة

كان يتم بتلوينات متعددة وبانقباضات مفاجئة

فإن أقدام السيدات اللواتي احتسين شرابهن الأسود كثيرا

عرفت أقصر الطرق وأدقها...

تلك المؤدية إلى المدخل

دون نقاشات حول المساحات المتبقية

 لاثنين لا يريدان أن يبدأ عرضهما مبكرا أو محترقا.

 

 

 

 

توضيح

 

حتى لا ترتسم تلك الابتسامة الصغيرة الساخرة على وجهه..

لم يكن ينظر إلى محدثه،

السخرية التي يتحاشى أن تمد سائلها الدبق والكثيف على الآخرين

لم تكن تطرق أبوابهم..

وحين سيبتعدون بقفزات سريعة وقد اندلق على قماشهم الأبيض ذلك اللسان القذر للابتسامة

لن يجري وراءهم، لن تتبدل هيئته ولن يقوى على أن يستوقفهم

لتوضيح خلل المشهد الداخلي الذي تنفلت خيوطه أحيانا

 بعدما تلتقي العينان...

السائل المر والكريه كان سخرية يوجهها نحو ذاته...

لكنه لم يعد يقوى على التوضيح.

 

 

 

إن أردت

 

أعرف ذلك المكان جيدا، وسآخذك إليه إن أردت.

لو تسألني سأدلك عليه كفندق،

 إن دللتك لا بد وأن تدخله،

إن دخلته لن يسمح لك بالخروج.

 

ستبيع الأقمشة هناك إن أردت

وقد تسنح لك الفرصة في جناح ملكي ليوم واحد،

 أما بقية الأيام فسيتقاسم المكان معك: أمهات وأطفال وآباء وإخوة.

 

حين تستدين مبلغا تافها لأول مرة

 قد لا تكون تجارتك بارت تماما..

 لهذا ستستمر في الاستدانة ونقر الضياء القليل المتسلل من عينيك، الصلاة والكذب والشكوى من رطوبة الهواء ودناءة الأشجار.

 ستصادق آخرين يتأففون في أوراق يخبئونها عن الأعين

وستتبادل وإياهم مناورات لا يمكن أن تنتهي.

 الذين ينصبون الشراك للطيور الداجنة سيستمتعون بانشداهك وأنت تراقبهم،

 فيما ستملك قدماك مهارات جديدة في الإغماض

 وسبر السطوح الرخوة للغاية.

 

 

 

الجزيرة – 2003

 

لأنني لست واثقا مما يلي ذلك ظللت أتابعها باستغراق

وهي تفتح شفتيها المحددتين،

ما يلي ذلك لست متأكدا منه فالتخمين ليس سهلا..

رغم بساطة الفعل:

انفتاح عضلتين ملونتين..

لكنما ليست وحدها الفقاعة الطفيفة

 التي تبدو على الشاشة هي النادرة..

الحماس والحيوية اللذان يفيضان من الوجه حين تنفتح الشفتان،

العينان المتوثبتان يشعلهما توق وحيد كما أتوقع...

..المشهد كله حين ينقض على عيني بعنف،

الشفتان اللتان انفتحتا الآن عن أسنان لا تخفي ابتسامة مكتملة

تكاد أن تفصحا عن آهة فادحة ولعينة.

 

 

ولأنني لست متأكدا مما يوجد أسفل الطاولة التي تخفي الساقين

ستأتي الشياطين بمداعبات داعرة، بدغدغات آسرة تدفع بالشفتين إلى أن تنفتحا دوما

على تلك الصورة...

 

ولأنني لست واثقا مما يلي ذلك

فقد ظللت أرقب تلك الشياطين

إلى أن تغيب حين يجلس (جميل عازر) جانبيا على الطاولة

 وهو يتخلى عن مسؤولية ماحدث.

 يدير ظهره قليلا لنعترف له بذلك

وهو يكرر بازدراء: انظروا...

وبالفعل فقد لاحظنا معه

أن الشياطين التي نحب اشتغالاتهم في مذيعات (الجزيرة)

ليسوا موجودين.

 

 

سيحضر كهول عابسون يديرون المصارف

 وهم يصنعون تماثيل من معادن لامعة وعظام فتيات نحيلات..

أما  (جميل) وهو يقذف بالأخبار السيئة بعد أن يتنحى جانبا

فلن يهمه أن نلكز بعضنا (أنا ويوسف)

ونحن نضحك على خجله حين يفعل كهل مثله أشياء كهذه...

 

إننا نقدر ذلك يا(جميل) ونتفهمه

لا عليك.

 

 

 قسمة

 

بعدما نخزه في ظهره كان الرأس المتدحرج في متناول صغار

أرادوا شيه  قبل أن تنهرهم الأم الحكيمة التي ستتولى الأمر.

الجسد الذي هاجمه ضبع وحيد استدل على رائحة الدم

تناوشه كثيرون بسكاكينهم المبتسمة.

الضبع وبعدما تبرز على الجسد ليبعد هؤلاء المهرة الذين واصلوا سلخ الجلد. غمس أنفه في الدم..

 قبل أن يتعفف ويغيب .

هم تنازعوا الفخذين والذراعين قبل أن يقترعوا عليهما،

الأحشاء وهي عادة خارج القرعة انتزعتها أصابع نهمة

كانت تعصر الأمعاء بخفة وتطويها في لفائف رائعة وصغيرة.

المشاحنات انخفض منسوبها لوجود عضوين متشابهين على الأغلب.

ذهبت الضلوع والفقرات والرئتان والكليتان جزءا من عملية قسمة دقيقة وسريعة لم تسبب الكثير من الفوضى.

عدا بقعة الدم الداكنة ليس للقسمة باق أو ذعر أو رائحة.

 

 

الذي ينظر ويبتسم

 

ليس ضروريا لمن ينظر ويبتسم أن يكون من العارفين.

الابتسامة ليست تأكيدا لتحقق التوقع دائما.

العينان المحايدتان تملكان تعبيرا مقلوبا يرى من الداخل.

 

الذي ينظر إلى خزانة، إلى حقيبة سفر، إلى آنية مطبخ باردة،

إلى صور قديمة أو آتية

..إلى قامات تمشي بوضوح هناك في مغاور الرأس:

ينظر ويبتسم.

معتذرا ممن يرقب المشهد في خفاء

داعيا إياه أن يشاركه الوليمة،

متواطئا-مرة أخرى –مع القماش والمعدن والورق والصفعات.

 

 

ربما كان يبتسم لأنه أراد من المرآة التي في جوفه

 أن تنصت وتبكي، أن تراه ودودا..

سائل حنان فضي أو لمعة وميض.

 

قبل أن يغلق الحقيبة ويغمض عينيه أرادها أن تمسد على رأسه،

قبل أن ينتف الورقة الخضراء الصغيرة

من جديد.. (فاسدة).

 

كم مرة نظر وكم مرة ابتسم؟

كم مرة حدق

وكم نأى؟

كم مرة اجتمعت الابتسامة مع النظر

سوى في لحظات كهذه

وهو يجمعهما معا في مرآة حزينة

ولا يغادر.

 

 

لمرة واحدة

 

بعد أن أوصيه بالهدوء وأن يؤدي دوره بإتقان

كنت أتركه يتحدث مع أصدقائي

.. قبل أن أغلق الباب أسأله: ألم نتفق على الثمن؟

فيهز رأسه مطمئنا لتزداد أخشابي رسوخا.

يحل محلي في العمل دون أن يلحظ أحد شيئا..

يتعجب من رغبتي في هذا الجزء بالذات:

هل هو ضروري؟

-إنه العقد.

يحتضن حبيبتي ويهاتفها.. وبإلحاح يسألني:

قل شيئا عن النسوة الأخريات...

يقود سيارتي دون أن يلتفت كثيرا،

ينصت لأصواته المتنافرة وهي تروح وتأتي..

ينام في سريري دون أن يحلم..

ويتحدث بصوتي.

مرة قلت له أن سخريته الصاخبة هذه لا تعجبني:

لتتوقف ولنعد للمشهد منذ بدايته.

وكان يرى أن إضافاته الصغيرة يحبها الجميع..

 

.. هززت رأسي لمرة واحدة.

 

 

 

 

فهرس

 

    كفاف

    أمتعة

    أفكار قديمة

    صحبة

    استسلام أعمى ليديها

    انطفاء شاشة الكترونية

    تقليم

    في حالة كهذه

    بعد هذا

    لاكتمال الجملة

    في حالة كهذه ( 2)

    قراءة كتاب جديد

    أطياف

    بقاء الرأس في مكانه

    خديعة ناقصة

    كائنات البلاط

    تدريبات للدخول في غرفة

    هو

    أطفال

    وردة

    ليلة واحدة

    إذا عرفنا ذلك

    دون كيشوت

    احتمالات

    مغيب

    نواقص

    ابتهال

    أثناء ركض البطل

    ملحق : توابع واشباه

-عرض غير خاص

-توضيح

-إن أردت

-الجزيرة 2003

-قسمة

-الذي ينظر ويبتسم

-لمرة واحدة

 

 

 

started 1 MAY 2010                 email : info@ila-magazine.com

design: gitta pardoel logo: modhir ahmed   © ila-magazine