نوستالجيا عبدالوهاب

محمد الأحمد

 

أول مرة استمعت إليه، وتعرفت الي أعماله الفنية الرائعة (فيما بعد) .. كان في ذلك عام ١٩٧٢ عندما صادفتني أغنية "القمح" عبر الراديو فأخذتني الجملة التي يقول فيها "والنيل على طول بعاده، فات أهله، وفات بلاده، علشان يرويه"، وجدتني احفظها، للمرة الأولى، ورحت اغني بها مع نفسي، بينما أنا العب لوحدي، وأنا فوق شجرة التوت العظيمة التي كانت تتوسط باحة بيت جدي، لم أكن أعلم بأن دندنتي بتلك الأغنية، تكون علامة تحول في حياتي، حيث أحبها مني جارنا اليهودي، وقال لوالدي يومها، ان ابنك له ذائقة فنية راقية، كأن ابي شديد الاحترام لذلك الرجل، إذ جعل والدي فخورا بما قاله عني، وهو الذي لم أكن أراه الا انيقا، ويلبس سدارة، ويضع وردة بيضاء في سترته، ذلك جعل أبي يأتني بجهاز راديو ترانستور صغير كهدية نجاح، ذلك الأمر ثبت في ذهني ان اغاني "عبد الوهاب" راقية جدا، وثانيا ان يكون لدي "راديو" خاص بي يجعلني استمع الي مختلف الاذاعات التي كانت تصلنا عبر الاثير، خاصة العاملة على الموجة المتوسطة، بذلك الأمر، اني تعرفت الي إذاعة البي بي سي التي كانت من أهم الاذاعات الناطقة بالعربية لانها باستمرار تذيع التقارير، وتبث المعرفة. كنت اتحدث بلباقة اكبر من عمر (٩) سنوات، مصدري الراديو الصغير، معلمي الأكبر، اسمع من تلك القصص الغريبة التي كانت تنفرد بها تلك الإذاعة الراقية.. أحدث بها عمتي وأحيانا جدتي اذ كانتا تستمعان الى كل ما أقول باهتمام شديد.

لم اسمع مثل تلك الأغاني منذ زمان بعيد، ولكني اليوم بمناسبة رحيله استمعت إلى الكثير من أغانيه، وخصوصاً؛ "لأ مش انا الي ابكي"و"بفكر ب الي ناسيني"، وعشرات غيرها، واني في السابق عندما أتحدث عن واحدة من أغانيه او الحانه العظيمة احب ان اذكر كأنما جزء من اسمه "الموسيقار العبقري محمد عبد الوهاب".

 

كاتب من العراق

 

started 1 MAY 2010                 email : info@ila-magazine.com

design: gitta pardoel logo: modhir ahmed   © ila-magazine