لاَ تدَعوا أَيَّةَ قصيدةٍ تَنتهي بسهولةٍ أَيضًا

شُويشِنغ تشُوليَان*

ترجمةُ: محمَّد حلمي الرِّيشة *

 

 

جدارٌ طويلٌ معينٌ

 

قَطعٌ فِي جدارٍ

 

يُظهِرُ جزءًا واحدًا مِن سفينةٍ كبيرةٍ أَعلَى الجدارِ،

 

ونحنُ مجبرونَ علَى التَّرحيبِ بهذَا الاقتراحِ:

 

القطعةُ مخفيَّةٌ مِن قِبلِ الجدارِ

 

هوَ البحرُ،

 

ونحنُ جميعًا- إِلى مَا لاَ نهايةٍ، مملُّونَ-

 

نتخيَّلهُ

 

هذَا الجدارُ الَّذي نتخيَّلهُ

 

صارَ أَعلَى وأَعلَى

 

أَطولَ وأَطولَ

 

يجعلُنا نشعرُ جميعًا بالفزعِ أَكثرَ بكثيرٍ

 

ممَّا يمكِنُ لبحرٍ حقيقيٍّ أَن يفعلَهُ

 

بحرٌ هشٌّ- أُوو

 

قبلَ أَن أَنظرَ إِليكَ، الفكرةُ الَّتي فَتنَتْني:

 

لماذَا يمكِنُ لمثلِ هذَا الضَّخمِ الواسعِ أَن يكونَ حتَّى بجهدٍ

 

مختفيًا بعيدًا؟

 

 

 

حَسـدٌ

 

أُلاحظُ أَشياءَ أَبديَّةً لاَ نهايةَ لَها:

 

السَّماواتِ، والمحيطاتِ، والمرَاعيَ، والمخلوقاتِ آكلةَ العشبِ،

 

تفتقرُ- بالحبِّ- حتَّى إِلى أَدنَى اتَّصالٍ.

 

البراءَةُ الأَبديَّةُ الَّتي لاَ نهايةَ لَها، والشَّهيَّةُ

 

تجعلُها لاَ مباليةً فِي انكسارِ القلبِ.

 

 

 

فِي ذاكرةِ بعضِ الأَشجارِ

 

عدَّةُ أَشجارٍ

 

بعيدةٌ

 

مَا يَكفِي لتجعلَني أَشعرُ بالإِطراءِ تمامًا.

 

ليستْ هناكَ مسافةٌ مماثلةٌ فِي المدنِ الكبيرةِ،

 

ووجهةُ نَظري مختومةٌ فِي المدنِ الكبيرةِ بينَ

 

مِشطيِّ القَدمينِ وعمليَّاتِ التَّفتيشِ في مُقلتيِّ العينينِ.

 

الآنَ

 

يجبُ أَن أَذهبَ مِن الجميعِ للتَّجسُّسِ علَى مزيدٍ مِن الأَشجارِ الَّتي

 

يخضرُّ هُدوؤها وصَفاؤها،

 

وتخضرُّ عاطفيًّا،

 

وتجلبُ لِي- بإِثارةٍ- حُسنَ المحيَّا الضَّاحكِ: انظرْ هُنا، أَنتَ

 

يَا صديقَ المدينةِ الثِّقةَ

 

رجاءً دعِ الوحشَ المخبَّأَ فِي وجهةِ نظرِكَ يذهبُ.

 

كلُّ شيءٍ أَنتَ نفسُكَ تفكِّرُ بهِ لاَ يمكِنُ السَّماحُ لهُ بالانصرافِ

 

وفقًا لَهم

 

هوَ الآنَ مجرَّدُ بستانِ أَشجارٍ صغيرٍ آخر فِي مهبِّ الرِّيحِ

 

يكبرُ فِي المسافةِ بعيدًا.

 

 

 

أُلفـةٌ

 

كانتْ عصورٌ منذُ منامِنا أَسفلَ معًا

 

نستمتعُ بنسيمٍ باردٍ يهبُّ عبرَ النَّافذةِ

 

تحتَ غطاءِ السَّريرِ

 

حيثُ تقعُ يَدي علَى صدرِكَ

 

بِرقَّةٍ تبحثُ عَن مكانِها،

 

وخفقةُ قلبِكَ مثلَ مدِّ وجزرِ بحرٍ متقلِّبٍ

 

يَنكسرُ قِبالةَ ذِراعي.

 

كيفَ بسرعةٍ إطارٌ واحدٌ لهذا الفعلِ

 

أَنا لاَ أَستطيعُ أَن أَكونَ متيقِّنةً أَم لاَ بأَنَّكَ كنتَ مريحًا

 

إِذا كانَ النَّسيمُ حقًّا ليسَ ذلكَ الباردَ،

 

ثُمَّ هلْ يُمكِنني أَن أَتركَ يدِي حيثُ هيَ

 

تفحصُ كلَّ

 

خفقاتِ القلبِ غيرِ المتماسكةِ هذهِ؟

 

 

 

الحبُّ مِن أَوَّلِ نظرةٍ

 

لهُ ولِي: الحبُّ مِن أَوَّلِ نظرةٍ

 

بفضلِ التَّوقِ الفائضِ

 

استمرَّتْ هذهِ الحصَّةُ مِن الرُّومانسيَّةِ نهارًا وشَفقًا،

 

وأَظهرتْ هذهِ الحصَّةُ مِن الرُّومانسيَّةِ فقطْ

 

هزهزةَ وركَيْها

 

عندمَا تَركها.

 

أَنا الآن لاَ أَستطيعُ استدعاءَ أَيٍّ مِنها،

 

وأَنا الآنَ مثلُ واحدٍ لَم يُحبَّ مطلقًا: نهائيًّا

 

نقيٌّ ونظيفٌ.

 

 

 

عاشقٌ جديدٌ

 

معاكِسًا أَحضرتني إِلى الشَّاطئِ هُنا فِي محاكاةٍ

 

لحبِّي الأَوَّل

 

كأَنَّهُ ثناءٌ صامتٌ لأَوَّلِ مرَّةٍ أَيُّها المحبوبُ.

 

لَم يَعُدْ باستطاعَتي أَن أَحنِيَ نَفْسي منْ دونِ أَدنى حَيطةٍ

 

مِن فوقِ المحيطِ مثلَ عشبِ البحرِ النَّامي علَى الشَّاطئِ

 

هذَا الجزءُ مِن المحيطِ هوَ قطعةُ ضجيجٍ قذرةٌ.

 

هكذا مرَّتْ سنواتٌ عدَّةٌ،

 

والشُّكرُ للعديدِ مِن الحبِّ الأَوَّلِ، وحبُّ المحيطِ الصَّحيحُ

 

هوَ قديمٌ وقذرٌ

 

مِثلي الآنَ تمامًا

 

فِي شؤونِ الحبِّ الجديدِ أَكثرُ مِرانًا

 

مِن رصيفِ الميناءِ هذَا المحمومِ الصَّاخبِ.

 

نحنُ هُنا معًا نعاملُ البحرَ،

 

وكلانَا لاَ يزالُ يعتقدُ

 

أَنَّنا نقومُ بذلكَ انطلاقًا مِن احترامٍ.

 

 

 

أَسرارُ غرفةِ النَّومِ

 

سَكرتُ بنبيذٍ قليلٍ،

 

وبِجانبي دلائلُ بسيطةٌ هيَ

 

كلُّ مَا تبقَّى: هناكَ إِلى يَساري

 

يُمكِنني الوصولُ وإِشعالُ الضَّوءِ،

 

وهناكَ إِلى يَميني

 

يُمكِنني الوصولُ ولمسُ الوسادةِ

 

المتأَثِّرةِ برأْسِكَ.

 

كنتَ مَا زلتَ لَم تَعدْ

 

علَى الورقةِ إِلى يَساري الَّتي أُخطِّطُ علَيْها،

 

وفِي كلِّ يومٍ أَنتَ

 

تتَّكئُ علَيْها

 

مهمَا كانَ أَيُّ يومٍ

 

أَملؤها بحلقةِ مَفاهيم وذكرياتٍ،

 

وأُفكِّرُ دائمًا فِي تلكَ

 

الجروحِ المحمولةِ مؤخَّرًا مِن

 

الشَّوارعِ المزدحمةِ الهائجةِ المتوتِّرةِ.

 

 

 

النَّادلةُ (X)

 

جئتُ إِلى هذَا المطعمِ معَ الرَّجلِ (Y)

 

النَّادلة ُ (X)

 

لَم تزلْ حيثُ كنتَ واقفًا فِي البقعةِ القديمةِ نفسِها

 

تحملُ الملاعقَ، أَو أَحيانًا لاَ، ومثلَ آخرِ مرَّةٍ فقطْ

 

أَحببتَ فِيها مراقبةَ زبائنِكَ.

 

ذَكرْتَ حَقِيبتي،

 

وذَكرتَ كيفَ تعاملتُ معَ النَّاسِ الآخرينَ

 

الَّذينَ لَم يكُونوا كبارًا في السِّنِّ،

 

ولكنْ مَا مِن علامةٍ مِن علاماتِ الحبِّ فِي وَجهي.

 

لقدْ حدَّقتَ فِي حَقِيبتي،

 

وأَنا ظللتُ أَفتحُها وأُغلقُها.

 

هلْ هذَا هوَ الشَّيءُ الوحيدُ الَّذي سوفَ تُبقيهِ فِي

 

ذاكرتِكَ عنِّي-

 

ذلكَ الفتحُ والإِغلاقُ

 

مِن دونِ سببٍ حقيقيٍّ؟

 

مَاذا فعلتُ فِي تلكَ الأَيَّامِ القليلةِ الماضيةِ

 

اكتشفتُ أَوقاتَ اللَّيلِ أَنَّها طويلةٌ وزلِقةٌ،

 

وكلَّ حُلمٍ هوَ رطوبةٌ مقحَمةٌ.

 

وجدتُ أَن القطنَ الَّذي سحبتَهُ

 

مِن تحتِ جسَدي

 

كانَ شيئًا لاَ أَستطيعُ شرحَهُ.

 

اكتشفتُ رائحةَ جسَدي تنبعُ عندَما

 

أَتمايلُ ذهابًا وإِيابًا علَى كرسيٍّ

 

أَنَّها ليستْ كالرَّائحةِ اللَّطيفةِ كمَا قلتَ أَنتَ.

 

وجدتُ نَفْسي جالسةً القرفصاءَ فِي خَلايا أَشعَّةِ الشَّمسِ الحبيسةِ

 

تكتبُ بنشاطٍ قصيدةً،

 

وإِلى كلِّ النَّاسِ الَّذينَ التقيتُ قلتُ:

 

لاَ تدَعوا أَيَّةَ قصيدةٍ تَنتهي بسهولةٍ أَيضًا.

 

 

 

حيثُ يتوقَّف الاختفاءُ

 

كانَ أَوَّلُ شيءٍ يجبَ أَن يَختفي هوَ اسمٌ أُتْبعَ

 

بعلاماتِ طريقٍ لاَ نهايةَ لَها،

 

واليدُ الَّتي حملتُها خارجَ النَّافذةِ حُثَّتْ بريحٍ معاكسةٍ

 

لِتبقَى

 

وإِذا لَم تكُنْ (بكِّينُ) الَّتي تصبحُ خرابًا ثُمَّ

 

تكونُ لِي

 

فِي بهجةِ اختفاءِ امرأَتي الواحدةِ، بقَدرِ الجميعِ

 

فِي ماضيّ، تشعرُ بالقلقِ

 

أَنَّني تقريبًا كَسِرٍّ مثلَ الوفاةِ.

 

نعودُ مرَّةً أُخرى عبرَ مداخلَ مماثلةٍ

 

إِلى (بكِّينَ)،

 

وإِلى ساعةِ (بكِّينَ)، وإِلى درجةِ حرارةِ الهواءِ فِي (بكِّينَ)،

 

وإِلى قلقِ (بكِّينَ).

 

لاَ يتوقَّفُ ببساطةٍ أَيٌّ مِن هذهِ بسببِ موتِي

 

الخاطفِ.

 

فِي الوقتِ الَّذي كنتُ فيهِ خارجَ المدينةِ

 

لَم أَكُنْ نُعِيتُ،

 

ولَم أُستَدعَ،

 

ولَم أَسأَلْ بَعدُ

 

فِيما إِذا الشَّمسُ الَّتي نستعملُها الآنَ هيَ نفسُها الَّتي استعملْناها فِي الماضِي.

 

لقدْ جلَبتْني (بكِّينُ) مرَّة أُخرى

 

بخفَّةٍ غيرِ متوقَّعةٍ، وحزنِ قلبٍ.

 

 

 

(تَرجمها إِلى الإِنجليزيَّةِ: سِيمون باتُّون)

* شاعرةٌ وكاتبةٌ مِن الصِّينِ، مواليد (1981م). صدرتْ لَها عدَّةُ أَعمالٍ أَدبيَّةٍ فِي الشِّعرِ والرّوايةِ.

 

* شاعر  وكاتب ومترجم من فلسطين

 

 

started 1 MAY 2010                 email : info@ila-magazine.com

design: gitta pardoel logo: modhir ahmed   © ila-magazine